السؤال: نرجو نصيحتكم وتوجيهكم لمن يشعر بكسل روحاني، أو خمول إيماني، وضعف همته في الإقبال على الطاعات، كيف يتغلب على مثل ذلك ويخرج من مثل هذه الحلقة المفرغة مع إحساسه بتقصيره في حق الله، وكثيراً ما ينوي القيام بطاعات وعبادات يتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى، ولكن يصيبه الكسل والخمول والتسويف، وأنه يشعر بأنه في خطر عظيم ويخشى سوء الخاتمة، فما هي نصيحتكم لمن ابتُلي بذلك؟
الجواب: الحمد لله، أن المؤمن يخاف من سوء الخاتمة، ويخاف من الإهمال والتقصير، ويستشعر أن ذنبه كالجبل العظيم يوشك أن يقع عليه، فهذه علامات الخير.
وليس أحد من المؤمنين عرف الله تبارك وتعالى، وعرف عظيم حقه وقدره عز وجل، إلا واستشعر هذا الشعور، مهما بلغ من عبادته، فلا بد أن يحس أنه مقصر، وأنه ما عبد الله تبارك وتعالى حق عبادته ولا شكره حق شكره.
فإذا كان المقربون وأولياء الله تبارك وتعالى والصالحون يشعرون بهذا، فنحن وحالنا من الضعف والخمول ما ذكرت الأخت أكثر بكثير، فنحن أولى والله المستعان.
لكن نستعين بالله ولا نعجز ولا نيأس ولا نقنط من رحمة الله تبارك وتعالى.
ومن مقويات الإيمان وعوامله الإحساس بالتقصير في حق الله تبارك وتعالى، وتدارك ذلك بما أمكن.
ولعلي أضيف أمراً مهماً وهو: أن بعض الأخوات قد تشكو الكسل في نوع من أنواع العبادة، أو لا تجد لذة فيها، لأنها قد تكون جشمت نفسها وكلفتها أمراً ليست من أهله.
مثلاً بعض الأخوات ربما يثقل عليها، أن تكثر من الصيام ومن صلاة النافلة وغيرها، لكن الله تبارك وتعالى يسر عليها النفقة فهي لو دفعت ألفاً أو ألفي ريال دفعة واحدة للمجاهدين أو المحتاجين يهون عليها ذلك، ولا تجد حرجاً ولا غضاضة، بل بالعكس توجد أخت تحب الله تبارك وتعالى رسوله، وتريد أن تعمل العمل الصالح، لكن المائة الريال تشق عليها كثيراً، أما أن تصوم الإثنين والخميس فهو سهل عليها جداً.
فالله قسم المواهب، فلا تكلف هذه نفسها مثل تلك، بل كل ميسر كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {
اعملوا فكل ميسر لما خلق له }.
فإن كنت من أهل الصيام فعليك به.
وإن كنت من أهل النوافل والذكر وقراءة القرآن فعليك بها.
وإن كنت من أهل الإنفاق فعليك به.
وهكذا لا بد أن عملاً من أعمال الخير يحبب إلى بعض الأخوات. وقد يكون عمل الخير الذي تستطيعه هو إنكار المنكر، حيث أعطاها الله قوة شخصية وتحمل على الصدع بالحق، فتقول به ولا تخاف، فإذا كان لها تقصير في هذه الجوانب، ولديها هذا الجانب، فهو عظيم جداً فلا تحتقره، وربما يكون الطريق الذي تدخل به الجنة.
فالجنة أبواب ولا يدخل من أبوابها الثمانية إلا القلة كـ
الصديق، فإنه يدخل منها جميعاً، كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لكن غيره قد يدخل من باب الريان لأنه للصائمين، أو يدخل من باب الجهاد لأنه من المجاهدين وهكذا.
وأرجو أن تتنبه الأخوات إلى هذا، وأن تراجع كل أخت نفسها، ما الذي يصلح لها؟
فأحياناً بعض الأخوات تعجب بأخت أو داعية أو مربية، وتقول: أريد أن أكون مثلها، وتلك قد فطرها الله وطبعها على غير ما طبعك عليه أنت، فتحاولين وتتكلفين اللحاق بها ولن تكوني كذلك، بل اهتمي بما أنت من أهله وأقل شيء ذكر الله والمداومة عليه، فهو -إن شاء الله- هين ولين، ولا يزال لسانك رطباً بذكر الله، وهو مكسب وربح عظيم، وهو الغنيمة الباردة: {
مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكره كمثل الحي والميت}.